أخبار الأردن

صفوان المعايطة يكتب: في ذكرى شقيقي الشهيد

صفوان المعايطة يكتب: في ذكرى شقيقي الشهيدصفوان المعايطة يكتب: في ذكرى شقيقي الشهيد

خبرني – كتب صفوان المعايطة شقيق الشيد البطل العقيد سائد المعايطة:

في ذكرى أحداث الكرك 18/12/2016

في ذكرى الغياب يبقى الحضور أقوى

و في ذكرى استشهادك

ستبقى خالداً بسجل التاريخ يا أسد قلعتنا

سأروي حكاية وحوار مع قائد ابن التاسعة والثلاثين عاماً كانت تعشق أنفاسه وطنه وقلبه ينبض في حبه

بدات القصة عام 2000 لضابط خاض تفاصيل حياته بطرق وعره أحب وطنه وعمله ودافع عنهما الى صبيحة يوم الاحد لنداء التحرك الى الكرك وهنالك داخل حصن الكرك المنيع حيث التاريخ يكثف نفسه ليضع كل شيء على حافة زلقة ويطرح تنبؤاته ولان التاريخ أيضاً يطرح نبوءاته مثلما يوثق حقائقه او يزورها انتهت القصة برصاص في الصدر من مختبىء جبان في السراديب الى أسد مقبل على الموت هو من كتب النهاية بدمه .

وبعد خمس سنوات يا سائد مازلنا نجوب العيون والقلوب على حلم نسيانك بصدق وفي ليلة حالكة السواد والصمت مطبق بين الكرك الصاخبة وعمان الثكلى تجثم الثواني على صدورنا وكأنها ساعات ما بين هو بصحة جيدة وما بين تصاوب وبحالة حسنه ومابين من هو يريد منك ذهاب إلى المدينة الطبية للاطمئنان عليه.

وعند وصولك ردهات المدينة عدد كبير من الأهل وأصدقاءه وزملاءه لا يتحدثون بشيء ولا شيء يجمعهم الا الصمت

وتقرأ العيون أن هناك شيء حدث أو ربما لم اسمع شيئا إلا صوت يخيفني أو لا أريد أن اسمعه وأتجاهل وأحاول أن لا أفهم الصمت الدائر بين أخوتي وأعمامي وبين زملائك مع أنها جملة واحدة مرسومة في العيون وأنا اعلمها ولا أريد أن أصدقها

خطب جلل قد وقع ونهاية قاهرة قد حلت و حقيقة واحدة لا تحتمل التأويل غير ان الجميع راح يتهرب منها .

جاءنا الهاتف بنبأ موتك وطريق طويل إلى الكرك وكل العيون مبلله والأصوات مرتبكة وغيمه سوداء أراها بعيني تماماً

وكانت الساعة تضع عقاربها فوق الثالثة صباحاً حين وصلنا الى باب الدار الذي اعتاد خطواتك ورائحتك وصوتك باب الدار الذي انفتح على مصراعيه لتجد وجوه شاحبة وعيون تنهمر منها الدموع وكلمات خفيفة على ألسنتهم وثقيلة على النفس والروح و كانت كل الاصوات تبكيك يا سائد وحتى الغيم وحفيف اوراق الشجر الى نهنهة الانفاس المكبوته بدواخلنا

وما بين واقع إمامك ومابين ما تتمنى لو انه حلم وتستفيق منه فسائد هذه الخيمة التي تظللنا بها وكلنا نسير على وقع خطاها وكان ظلها البهي ضوئنا في الظلام المطبق.

لا أخفيك يااخي أن هذه الليلة هي الاثقل والاصعب ولأول مرة اشعر بالخوف من المستقبل فوجودك بحد ذاته مصدر اطمئنان وأنت في كل المناسبات من توجهنا ماذا نعمل وكيف نتصرف كنت مصدر الهامنا ووعينا وفي لحظة واحدة كان علينا ان نخطط نيابة عنك وان نفكر من دونك وان نقرر مصير جنازتك وان نتصرف على نحو يثبت كل دقيقة انك لم تعد موجود فلأ ضوء يوجهنا ماذا نفعل ولا ضوء ينير لنا عتمة ليلة هي الاثقل ولا يدك ترتب على اكتافنا تشير لنا الصواب فندركه .

تمضي ساعات الفجر ثقيلة متخمة مبللة بالدموع وشريط العمر والمواقف أمامك لسنوات المدرسة وسائد الأخ الأكبر الذي يفتح الدروب أمامنا لسنوات الجامعة ولسنوات سفرك وفرحتنا بعودتك بعد كل سفر وأخرها بشهر تموز من عام استشهادك إلى نهاية الأسبوع ولمة العيلة في الكرك

وها نحن نجتمع للمرة الاولى بدونك ننتظر وصول جثمانك لنودعه لآخر مره ونلقي السلام الاخير على من كان لنا أمنا وسلاماً .

في المقبرة يوم الثامن عشر من ديسمبر بكتك الرجال على المقبرة ومن يومها يا سائد دخلنا في حداد مفتوح لا طريق واضحة ولا لوحات إرشادية تنبهنا من تساقط الأعمار ولا نهاية لهذا الحزن المزمن والطويل وما زالت عيناك ترقبنا وملاذاً وملجأ نؤوب اليها وكلما اشتدت الخطوب وكلما هزتنا ريح يدركنا برد غيابك وتسري فينا رجفة الموت ونقول لو أنك موجود يا سائد .

يا سائد أيها الحبيب إنها لوعة الإشتياق ووجع التفاصيل والفقد ونداءات الذاكرة لا أتحدث معك اليوم بصفة وطنية فقد أوفاك شرفاء الوطن مدحا ورثاء وحبا ولكنها أصوات بداخلي تعانق شغاف روحك يا أخ الدم والموقف وتستذكر الإنسان بضمير من أحبوه وانت أيها الكبير الجميل اوجعتنا بحجم ما تحمل من قيمة ومعنى انها تناقضات الحياة وثنائياتها الضدية فحجم الفقد والغياب يعادل حجم الود والعطاء والتعلق وكأننا محكومين بدفع ثمن أكبر في مواجهة غياب النبلاء أيها الحبيب لروحك السلام ….

رحم الله ابو عون وسيبقى على العهد سيدي

المصدر : خبرني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى