عن تخفيض التعرفة الجمركية

عن تخفيض التعرفة الجمركية
قسم الاقتصاد – الجامعة الأردنية
أعلنت الحكومة عن قرار تخفيض وتوحيد الرسوم الجمركية على السلع ضمن فئات أربع وهي (معفاة، 5 %، 15 %، 25 %)، ليصبح ما يقارب 53 % من المواد الداخلة للأردن معفاة، و40 % منها تخضع إلى تعرفة جمركية بنسبة 5 %، حسب وزارة المالية التي أشارت، في بيانها، إلى أن هذه التعرفة ستطبق خلال الأعوام الثلاثة الأولى ليصار بعد ذلك الى تخفيض الفئة العليا من 25 إلى 20 % لعامين بعد ذلك، وستنخفض فئة 20 % مرة أخرى إلى 15 % في العام 2027، وبالتالي تصبح التعرفة الجمركية خاضعة لثلاث فئات من تاريخ 1/1/2027، هي 0 %، و5 %، و15 %.
طبعاً هذا التخفيض يصعب قياس أثره بصورة دقيقة لغياب الدراسات اللازمة لتقييم أثر هذه القرارات (Impact studies)، فالحكومة تؤكد أن القوة الشرائية للمواطنين ستتحسن نتيجة انعكاس هذا القرار على أسعار السلع والمواد الغذائية، قد يحدث ذلك ضمن نطاقات محدودة وضيقة وذات علاقة بالألبسة والأحذية وقطع السيارات أكثر منها المتعلقة بالمواد الأساسية. فمعظم المواد الأساسية المستوردة للأردن معفاة من الجمارك ومعفاة بالكامل أو أقل من 4 % من ضريبة المبيعات، كما أن الارتفاع العالمي بالأسعار وتضاعف كلف الشحن سيعملان على إبقاء الأسعار مستقرة نسبياً على ارتفاع، وبالتالي سيسهم هذا القرار بالتقليل نسبياً من الزيادة المطردة في الأسعار ونسب التضخم.
القطاع التجاري سيكون أبرز المستفيدين من هذا القرار، من ناحية تقليل كلف الاستيراد وتوفير السيولة النقدية وتنشيط الحركة التجارية، وبالتالي توسيع القطاع التجاري بمستوياته المختلفة الذي حتماً سينعكس إيجابياً على المستهلك من ناحية جودة السلعة وتعدد الخيارات المتاحة نظراً لزيادة المنافسة. كما يتوقع أن ينعكس هذا القرار إيجابياً على خزينة الدولة عن طريق تخفيض تكلفة الالتزام الجمركي لتقترب من تكاليف التهرب والتجنب الضريبي، هذا سيؤدي إلى الحد من أعمال التهريب وتنظيم السوق، كما أن ما ستفقده الخزينة في الأجل القصير جراء التخفيض من التعرفة الجمركية سيتم تعويضه لاحقاً، كما نقول دائماً، نتيجة زيادة النشاط والحركة الاقتصادية، فكلما انخفضت الضرائب والرسوم المفروضة بالاقتصاد زادت الإيرادات العامة.
بالنسبة للقطاع الصناعي، فقد تلقت بعض قطاعاته مثل الألبسة والأحذية والصناعات الخشبية ضربة موجعة بهذا القرار وسيتضرر العاملون فيها؛ فتخفيض الرسوم الجمركية نظرياً يعني أن تتدفق السلع المستوردة (وقد يكون لها بديل مصنع محلياً) بتكلفة أقل، في حين لن يلحق هذا الانخفاض السلع المحلية. فالسلع المستوردة إما مدعومة في دولها أو أن كلف الإنتاج فيها أقل. بالمقابل، فإن كلف الإنتاج والتشغيل للصناعات الأردنية مرتفعة، وكانت التعرفة الجمركية السابقة تشكل أحد أنواع الحماية للصناعة الوطنية باعتبارها تكلفة مضافة على السلع المستوردة، وبالتالي تعمل على مساواة الكلف بين السلع المستوردة والمصنعة محلياً، لذا فإن قطاعا مثل قطاع الألبسة والأحذية الذي يعمل به ما يقارب 8 آلاف عامل أو قطاع الصناعات الخشبية والأثاث الذي يشغل ما يقارب 30-40 ألف عامل، سيتأثر بصورة سلبية ومباشرة من هذا القرار.
غياب دراسات تقييم لأثر قراراتنا، تقيس بدقة تأثير وتبعات هذه القرارات على مستوى الاقتصاد الكلي وعلى مختلف القطاعات والسلع، سيؤدي لرسم سياسات غير واضحة المعالم، قد ينتج عنها أطراف مستفيدة كالمستهلك والتجار في هذه الحالة، لكنه بلا أدنى شك سيكون هناك طرف متضرر مثل قطاع الصناعة المحرك الأساسي لأي اقتصاد الذي كان بالعام 2020 القطاع الوحيد الذي شهد نمواً في التوظيف في الأردن. على أي حال، وبما أن المطبخ الاقتصادي الحكومي يرى نفعاً بهذه التخفيضات الجمركية، فقد بات من الضروري إعادة النظر بضريبة المبيعات على السلع والخدمات وانعكاسها على الطلب الكلي في الاقتصاد الأردني.
صحيفة الغد
المصدر : خبرني