أخبار الأردن

اتركونا وشأننا

اتركونا وشأننااتركونا وشأننا

منذ سنوات عشر تقريباً، بدأت حياتنا الخاصة تتعرض لأسوأ بل أبشع أنواع الانتهاك، خلافاً لحقوقنا الطبيعية كبشر؛ حيث أصبح التلصص والتصنت ومحاولة كشف الأسرار والمعلومات الخاصة بأي شخص حتى لو كان يعمل في العمل العام هي السمة البارزة في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي التي كانت أقل حدة منها في وسائل الإعلام التقليدي، والتي تبعت الإعلام غير التقليدي.
إذن؛ ما جرى هو أن الإعلام التقليدي بقي في إطاره الطبيعي حتى ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، التي أخذته إلى ضفة أخرى من النهر وهي البحث عن خصوصيات الناس والتنقيب فيها من أجل المتابعات واللايكات خلافاً لأحكام القانون والدستور والعهود والمواثيق الدولية، لا بل تعدا البحث في الخصوصيات إلى نشر معلومات مالية تخص رواتب موظفين في القطاعين العام والخاص وحتى شبه الحكومي في محاولة لكشف فساد هنا أو هناك.
إن كشف الفساد والنقد للمصلحة العامة هو من الأسس والركائز الأساسية في الإعلام، وهو ما لا يمكن أن ينكره أحد، لكن الخصوصية تعني الحرية وهي إحدى الحقوق اللصيقة بالشخصية؛ والتي أكدت كل الشرائع القانونية وحتى الدينية على ضرورة احترامها؛ انطلاقاً من قوله تعالى "ولا تجسسوا" إلى النصوص الواردة في الدستور والمعاهدات الدولية ثم إلى القوانين التي حرمت مرة بشكل صريح ومرات بشكل غير صريح أي انتهاك لحرمة الحياة الخاصة وفرضت عقوبات شديدة.
من حق الإعلام البحث وفي ظل الإعلام الجديد أصبح مفهوم الحرية أكثر شمولية واتساعاً، ومن حق الصحفيين البحث عن الحقيقة ومن حق الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي التعبير عن آرائهم بحرية وكشف أي فساد مستتر، لكن ليس من حق أي شخص التشهير بالغير وانتهاك خصوصيته ونشر معلوماته وبياناته وبيانات أسرته وعائلته على الملأ !
لقد أسهمت شبكة الإنترنت – كما أشرنا – بتناقل المعلومات وجعلت العالم بمثابة قرية صغيرة نتيجة مخرجات العولمة Globalization)) والتي يُمكن من خلالها التنقل ببساطة ومعرفة معلومات الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين واستغلالها من أجل الإساءة لهم وابتزازهم وتعريض حياتهم للخطر، خصوصاً في ظل الانتشار الواسع للمجموعات الإجرامية المنظمة التي يمكن لها استغلال هذه المعلومات من أجل تحقيق أهدافها.
ولعل من أبرز التعريفات للحياة الخاصة والتي قال بها القاضي الأمريكي "كولي" والتي يمكن أن نكررها هي أن "الحياة الخاصة هي أن يترك الإنسان وشأنه" … لذلك نقول لمن ينتهك الحياة الخاصة للآخرين "اتركونا وشأننا" عسى ان نعيش حياتنا بهدوء بعيداً عن التدخل وأن تطبق عليه القوانين الجزائية التي تجرم هذا الفعل بصرامة.

المصدر : خبرني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى