أخبار الأردن

عقل بلتاجي ..وعام على الرحيل

عقل بلتاجي ..وعام على الرحيلعقل بلتاجي ..وعام على الرحيل

في مثل هذا اليوم من العام الماضي رحل بهدوء وأناقة مثلما عاش بهدوء وأناقة، وبفضل الله نذكره يوميا لأن طيفه لم يبارحنا وطريقته لا زالت تبهرنا، بتواضعه ملك قلوب من عرفه وجالت سمعته الطيبة الأرجاء لتتخطى الحدود الجغرافية.
في عمله كان يسعى دوما للأفضل أينما حل وذلك عرفانا بجميل الوطن الذي احتضنه، فلم يملك سوى محبة هذا الوطن، كان يفاخر الدنيا بوطنه الذي هو في حجم بعض الورد إلا أنه له شوكة ردت إلى الشرق الصبا. فحمل الوطن في قلبه في حله وترحاله فكان حب الوطن نبراس حياته ورضى الله غايته فكان بحق قامة وطنية بامتياز.
ترعرع مع شقيقاته وأشقائه في كنف والديه المرحومين فتعلم من والده عيد "افندي" البلتاجي الانضباط والعسكرية وأدبته والدته "نظيرة" فأحسنت تنشئته. وزاد أدبا بعد هجرة أهله وسكنهم بجوار الأديب الراحل المرحوم حسني فريز في جبل اللويبدة الذي كان نعم الجار ونعم الصديق لعيد أفندي ونعم العم لعقل والجد المحب فيما بعد لأحفاده.
فكانت المصاهرة لتشاركه الدكتورة نوار حسني فريز الطبيبة في الخدمات الطبية الملكية رحلة العمر سندا له، زوجةً ورفيقة درب والمرأة التي كانت خلف ذاك الرجل.
وفي ذات جبل اللويبدة جبل "الياسمين" كان رفيقه زوج شقيقته أبا صخر المرحوم مروان دودين والذي كان له أخا ومعلما، فتعلم منه ومن زملائه ومن رجالات الدولة الكثير ما زاده حبا وانتماء، كان محبا للناس نديم المعشر مستمعا جيدا قارئا جيدا، رحل في الثامن والعشرين من شباط 2021، تاركا وراءه إرثا كبيرا ومخزونا عظيما، وقد مضى العام الأول على رحيله، رحل معه من رحل من الأحبة والأصدقاء أناس أحبهم وأحبوه فهذه سنة الحياة الرحيل من دار الفناء إلى دار الخلود، كلمات كثيرة قيلت في رحيله قالها من أحبوه وعرفوه، عميقة كانت بعمق الجيل الذي انتسب إليه عقل، بكل ما شهد ذلك الجيل.
عقل بلتاجي الذي بدأ حياته المهنية معلما للغة الإنجليزية يذكره تلاميذه بعرفان ومحبة، وفي كل محطة عملية من حياته استدعي فيها للخدمة كان في تلك المحطة معلما، حيث انطلق مع كوكبة الإذاعة الأردنية مذيعا للنشرة الإخبارية باللغة الإنجليزية وتابع انطلاقته بعد عودته من أرامكو الظهران في المملكة العربية السعودية فحلق إلى سلطة الطيران المدني ومنها إلى "عالية" الخطوط الجوية الملكية الأردنية وتدرج فيها حتى أصبح نائبا تنفيذيا لرئيس مجلس إدارتها، لتوكل إليه بعدها حقيبة وزارة السياحة والآثار مطلع الألفية والاحتفالات العالمية بالألفية الثالثة، فقدم للعالم موقع المغطس وثيبت الاكتشاف بزيارة البابا للموقع، ليتابع مسيرته بتعيينه رئيسا لمجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ليقدم للعالم من هناك المثلث الذهبي، ليعود بعدها مستشارا لجلالة الملك ثم لينضم إلى عضوية مجلس الأعيان ليتم تعيينه بعد ذلك أمينا لعمان التي عشق.
الله إيمانا، الوطن انتماء، الملك حبا وولاء ثوابت رافقته في مسيرته فازدانت سيرته بها مثلما ازدان بعمق معانيها ميدان الدوار الثالث في جبل عمان.
كان إذا استشير في أمر أجاب مستشهدا بالقسم الذي أداه أمام الحسين الباني الملك الراحل طيب الله ثراه، ولاحقا أمام الملك المعزز عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله، وأمام الشعب الذي أحب: "أن يكون مخلصا للوطن وأن يخدم الأمة وأن يقوم بالواجبات الموكلة إليه بأمانة". كان ذلك ديدنه، فكان أداءه عند حسن ظن من أراد له تسلم المهام في كل محطة، وكانت غايته في كل موقع مرضاة الله وراحة ضميره وسداد بعض الدَين لوطنه الذي أحب إيمانا بأن العمل عبادة.
كم كان عاماَ قاسيا بما أدخل من أحزان، بخيلا بالفرح إلا على من أيقن بالله وتدبيره وقضاء الله وقدره، فقد زادنا ألما رحيل أبو الليث على ألمنا على من غادر قبل رحيله.
أبا الليث، كان صوتك عذبا جميلا ودافئا يريح السامعين وكنت إيجابيا حتى مع من يخالفك الرأي، وحضورك كان أنيقا.
وكما كنت أنيقا في حضورك كنت أنيقا في رحيلك، عشت متصالحا مع نفسك ومع الآخرين، رحم الله أبا الليث وأسكنك فسيح جناته وألهمنا من بعده جميل الصبر والسلوان.

المصدر : خبرني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى