هل يصل التعاون بين أبوظبي وأنقرة للمجال العسكري؟

هل يصل التعاون بين أبوظبي وأنقرة للمجال العسكري؟
خبرني – تواصل العلاقات الإماراتية – التركية النمو بشكل متصاعد منذ فتح صفحة جديدة بينهما، وصار التعاون يصل إلى المجالات العسكرية بعد أن شهد طفرة ملموسة اقتصادياً.
وترغب أبوظبي بإقامة تعاون عسكري مع تركيا مستغلة الأجواء الإيجابية الاستثنائية في العلاقة معها، خاصة في وقت صعدت مليشيا الحوثي اليمنية من هجماتها على أراضيها.
وخلال 3 أسابيع الماضية تعرضت الإمارات لـ3 ضربات حوثية؛ حيث استهدفت طائرات مسيرة، يوم 17 يناير الماضي، مواقع حيوية في أبوظبي، وفي الـ24 من الشهر نفسه تعرضت قاعدة الظفرة العسكرية قرب العاصمة الإماراتية التي تضم قوات أمريكية لهجمات بصواريخ باليستية، وفي 31 يناير اعترضت الدفاعات الإماراتية صاروخاً باليستياً حوثياً، وقد لقيت هذه الهجمات إدانة تركية شديدة.
كما أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية، يوم الأربعاء 2 فبراير، اعتراض 3 طائرات مسيرة معادية، ولاحقاً تبنت الهجوم مليشيا "ألوية الحق" الشيعية العراقية.
وبعد ساعات من الهجمات الحوثية، يوم 31 يناير، وفي لقاء لافت، بحث وزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع محمد بن أحمد البواردي، مع السفير التركي في أبوظبي توغاي تونشير، سبل تطوير التعاون العسكري بين البلدين.
وبحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام)، فقد تم خلال اللقاء "بحث سبل تطوير علاقات التعاون الدفاعي والعسكري بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين"، فيما أكد السفير التركي "حرص بلاده على تعزيز العلاقات الثنائية مع الإمارات، وفتح آفاق جديدة للتعاون والعمل المشترك بين البلدين".
ماذا تريد الإمارات؟
رغم مسارعة الرئيس الأمريكي جو بايدن لتوجيه أمر للبنتاغون بتقديم الدعم للإمارات بعد الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي من اليمن، وتأكيد البنتاغون أن الجيش الأمريكي ساعد الإمارات في ردع الهجوم الصاروخي الأخير، فإن حالة الشك الإماراتية تجاه الالتزام الأمريكي لا تخفى على أحد.
فإدارة بايدن تفرض قيوداً على مبيعات الأسلحة للإمارات بسبب الحرب في اليمن من جهة، والعلاقات الإماراتية – الصينية من جهة أخرى، وقد تجلى ذلك حين علقت الإمارات المباحثات حول صفقة مقاتلات إف 35 في ديسمبر الماضي، احتجاجاً على الشروط "المرهقة" للرئيس الأمريكي لإتمام الصفقة.
وإزاء ذلك أبرمت أبوظبي صفقة ضخمة مع فرنسا لشراء 80 طائرة "رافال" المتطورة، في خطوة فسرت على أنها رغبة إماراتية في تنويع مصادر السلاح.
كما تقدمت الإمارات بطلب شراء منظومات دفاعات جوية إسرائيلية لاعتراض الصواريخ الباليستية، إلا أن تل أبيب، الصديق الجديد لأبوظبي، رفضت ذلك.
وذكرت مصادر إسرائيلية، الأحد 30 يناير الماضي، أن الجانب الإسرائيلي رفض بيع الإمارات المنظومات الدفاعية على الرغم من قيمة الصفقة التي تقدر بـ3.5 مليار دولار، خشية تسريب معلومات تكنولوجية وعسكرية بشأن صناعة وتطوير المنظومات الدفاعية الجوية الإسرائيلية وهي "القبة الحديدية" و"مقلاع داود"، إلى أطراف أخرى.
ماذا لدى تركيا لتقدمه؟
وفي ظل التعقيد الأمريكي والرفض الإسرائيلي، تبدو تركيا خياراً مناسباً لأبوظبي للحصول على تقنيات دفاعية، خاصة في ظل الزيارة المنتظرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أبوظبي منتصف فبراير الجاري، والتي ينتظر أن ترقى بالعلاقات لمستوى أقوى، ولكن ماذا لدى تركيا لتقدمه إلى الإمارات؟
على صعيد الصناعات الدفاعية التي يمكن أن تشكل مفتاحاً لنمو العلاقات بين أنقرة وأبوظبي، وخلال السنوات الخمس الماضية تحديداً شهدت الصناعات العسكرية التركية تطوراً ملحوظاً، لا سيما في المجالات الدفاعية منها.
وخلال العام الماضي نمت صادرات الدفاع والطيران العسكرية التركية بنحو 47.7%، كما ارتفع عدد الشركات التركية في قائمة "أفضل 100 شركة للصناعات الدفاعية" الأكثر شهرة عالمياً إلى المرتبة السابعة.
وتشغل الولايات المتحدة مركز المستورد الأول للأسلحة من تركيا، تليها ألمانيا ثم عُمان في المركز الثالث، كذلك أُبرمت العديد من صفقات الأسلحة التركية مع باكستان شملت تسليم 30 طائرة مروحية مقاتلة، و4 سفن حربية من نوع "فرقاطة"، كما باعت مئات المدرعات المضادة للألغام من طراز "كيربي" إلى تونس وتركمانستان، وصدّرت حاملات جنود مدرعة من طراز "كوبرا" إلى دول مثل البحرين، وبنغلاديش، وموريتانيا، ورواندا، فيما بلغت الصادرات الدفاعية والجوية إلى قطر، 138 مليوناً و753 ألف دولار في 2021.
كما أصبحت تركيا منافساً عالمياً على صعيد قطاع الطيران بدون طيار عبر مقاتلتها "بيرقدار"، التي تستخدم حالياً في عدد من الدول مثل قطر وليبيا وأوكرانيا وبولندا.
لكن السلاح الذي قد يلفت نظر الإمارات في مواجهة صواريخ ومُسيرات مليشيا الحوثي هو منظومة (حصار أو +) بالتركية "HİSAR O+" الذي دخل فعلياً للخدمة في الجيش التركي في يوليو الماضي، وحقق نجاحاً جديداً على طريق دخوله الخدمة الفعلية لدى القوات المسلحة التركية.
وتأتي منظومة "حصار" ضمن فئتين مختلفتين، الأولى "حصار إيه +" (HİSAR A+) ومداها 15 كم، في حين يبلغ مدى الثانية "حصار أو +" (HİSAR O+) 25 كم، وتعمل بالتوجيه بالأشعة تحت الحمراء، حيث يمكن للنظام الكشف عن الأهداف وتتبعها على مسافة من 40 إلى 60 كم، فضلاً عن إمكانية تتبع أكثر من 60 هدفاً في آن واحد.
وفي هذا السياق، يقول الخبير التركي في مجال الدفاع العسكري، محمد أكمان: إن "تركيا طورت صناعتها الدفاعية، مستفيدة من الخبرات القتالية في شمال العراق وشمال سوريا خلال السنوات الماضية، ولهذا السبب كان للصناعات الدفاعية التركية دور مهم في ليبيا وأذربيجان".
وأشار، في تصريح إلى أنه "على رأس هذه الصناعات هناك المسيرة بيرقدار من إنتاج شركة بايكار، كما أنه من المعروف فعالية الدرونات الانتحارية كارغو، التي تنتجها شركة STM، ولكن الإمارات لا تقوم بجميع صفقات السلاح لاستخدام هذه الأسلحة في اليمن، ولذا فإن شراءها للمسيرات التركية لا يعني أنها ستستخدمها في اليمن".
تطور استثنائي.. ولكن!
وفي ظل تطور العلاقات الاستثنائي بين البلدين والزيارة المرتقبة لأردوغان إلى أبوظبي، هناك من ذهب لإمكانية أن تفتح تركيا قاعدة عسكرية في الإمارات، أسوة بقاعدتها في قطر التي بدأت العمل رسمياً في العام 2017.
لكن أكمان استبعد أن تبني أنقرة قاعدة عسكرية في الإمارات لسببين؛ الأول أن "القاعدة العسكرية في قطر تفي بالأهمية الاستراتيجية اللازمة في المنطقة"، والثاني أنه "رغم أن العلاقات التركية الإماراتية في تحسّن، فإنها لن تصل أبداً إلى مستوى العلاقات التركية – القطرية".
وأضاف: "ستعمل الدولتان على توطيد العلاقات بحذر، كما أن "إسرائيل" وأمريكا لديهما حضور قوي في الصناعات الدفاعية الإماراتية، وهذا الأمر يسبب مشكلة مهمة في العلاقات الدفاعية التي ستبنيها الإمارات مع تركيا، لأن أمريكا تفرض عقوبات على الصناعات الدفاعية التركية".
وحول ما إذا كان يمكن أن تبيع تركيا منظومة الدفاع الجوي المحلية (HİSAR A+) إلى الإمارات، يرى أكمان أن "الإمارات تعتمد في دفاعها الجوي على منظومات الثاد وباتريوت، ونعرف أن الإمارات تجري لقاءات مع كوريا الجنوبية لشراء منظومات جديدة".
وأشار إلى أن "منظومة (HİSAR A+) هي منظومة جديدة جداً قياساً بالمنظومات الموجودة في الإمارات، فقد دخلت الخدمة في الجيش التركي حديثاً، ولم تُستخدم لصد هجوم حقيقي حتى الآن، لذا لا أظن أنه سيتم تصديرها في الوقت القريب إلى أي دولة".
المصدر : خبرني