الرفاعي .. هل الإصلاح السياسي جاء يساريا؟

الرفاعي .. هل الإصلاح السياسي جاء يساريا؟
لا أدري .. ولكن لا أتعجب ابدا أنه عندما قصد الله الجنة في الأخرة لأهل "اليمين" كونه يقينا يعلم ماذا سيفعله في حياة الدنيا أهل "اليسار" … وان جعله المنافقين في الدرك الأسفل من النار كونه يدرك عاقبة أصحاب فنون تقلب الوجوه والمنافع والمصالح لأهل الاتجاهات المتعددة والمتلونة حسب الظرف والمكان. هذا كله ليس لانهم يساريون بل لأنهم انقلبوا على اليسار و على مبادئهم وفكرهم وفكر قادتهم التقليديون منهم والمجددون منهم هنا وفي وطننا العريي.
فبعد عقود من "نضالهم" اليساري وفنون خطاباتهم "الجياشة" في شتى القضايا التي تدغدغ هموم المواطنين الوطنية منها والقومية، حيث استثمروا في الفكر اليساري خير استثمار وبرعوا في التسحيج الصامت وفي التمثيل الظاهر ليشيدوا من ذلك كله القصور والمزارع والشركات والمراكز لا التنمية ولا الاصلاح ولا حتى لبنة واحدة في بناء أي صرح يذكر. وليصبح يساريو الأمس راسماليو وليبراليو اليوم. ناهيكم عن قصص "الوطنية" للكثير منهم ممن تجاوزوا الخطوط الحمراء بشكل صارخ وواضح حيث كان العفو والصفح صاحبهم والموقع جاهز ينتظرهم .. أما من "المساكين" ممن صدقهم وأخذ بخطاباتهم رمي في السجن في سبات عميق .. بعضهم الى غير رجعة الى يوم الدين … فأي "شمال" جئت به الينا يا يسار ؟!! وأن القلة القليلة الصادقة منهم ماتوا ولم نسمع عنهم او دفنوا في دنياهم تحت انقاض الهموم والديون وفكرهم الذي ما زال يحاصرهم!
ان المتتبع للأحداث السياسية محليا يرى بشكل جلي وواضح أن ما يسمى بالاحزاب والتيارات الفكرية اليسارية هي أكثر المعجبين والداعمين للاصلاحلات السياسية الأخيرة، وأن "الدلال" يذهب باتجاههم .. وجل التعيينات والتنفيعات والترضيات تذهب فقط لهم في شتى المواقع هنا أو هناك .. وكأن "الاصلاح" قد فصل على مقاسهم والرضى لا يكون الا من رضاهم .. والإصلاح لا بعرف الا طريق واتجاه اليسار فقط لا غير .. وأن جميع الطرق مسدودة بما فيها الطريق المستقيم… الطريق الوطني المستقل منها … فأي اصلاح نتحدث عنه اليوم حيث الاتجاه الواحد هو الأوحد؟!
الرفاعي.. النخب وورشة عمل في منظومة الاصلاح
دعوت الى احدى ورشات العمل تتحدث عن منظومة التحديث فوجدت جميع أصناف اليسار وبالطبع جنبا الى جنب أحزاب التصفيق فلا نستطيع التمييز بينهم .. من اليسار الى اليسار .. يساري ديمقراطي.. يساري اجتماعي .. يساري ليبرالي .. يساري مبتدأ .. يساري بربطه زرقاء ويساري بربطه حمراء.. وغيرها من الوان "قوي قزح" .. و"يميني" واحد يميل الى اليسار!!
وان أكثر ما أدهشني أيضا هي قوة شخصية الرفاعي ووصفته السحرية في عدم الملل والصبر في تصفح وجوههم صباح مساء فأي قوة يا رعاك الله يا رفاعي في تلك الطاقة الايجابية في تحمل سماع أقوالهم في الغدو وفي العشي مرارا وتكرار (يا ريت تبعثلنا الوصفة) .. أما أنا فلم البث طويلا سرعان ما انتهى دولة الرفاعي من كلمتة وقد غادرت القاعة وان أكثر ما شدني في خطابة وأرجو أن تطبق وتزاول .. وهي ضرورة اعادة مفهومنا للمصطلحات ومنها مصطلح النخب وتقبل الاتجاهات جميعا بما فيها اليمين والمستقبل ايضا وكذلك طي صفحة "الشد العكسي" لكل من هو معارض مع مخالف في الرأي !
ماذا يريد الأردن منا جميعا؟!
ما يريده أردننا الحبيب ابسط بكثير مما تمد له أصناف الطعام في مؤتمرات الاصلاح .. خبزنا كفافنا.. الأردن بحاجة الى افساح المجال أمام نخب قيادية جديدة قادرة على التأثير .. المواطن بحاجة الى رجل يصدقه ويصدقه قبل أي برنامج او فكر او ايدولوجيا ليركب بها. ما يحتاجة هو الى ثقة في رجال ونساء القادة تحت الاطار الجديد لمفهوم القادة والنخب .. قبل الولوج الى الايدولوجيات المستوردة "المفصلة" على مفاس الغير لتراعي ثقافة وطموح الغير، وكتالوج مسروق يفرض عليه حيث اقصيت الخيارات أمامة باستثناء اليسار وعليه أن يختار فقط أي نوع من اليسار او الليبرالية!! فليكن كتالوجنا اردنبا محض .. حضاريا متوازنا … منا وفينا ومن شتى الاصول والمنابت .. يحاكي واقعنا وهمومنا ويمد يده للتطور والحداثة من جهة ولكن يعتز بالأرض التي انجبته والثوابت والقيم التي ترعرع بين جنباتها منذ نعومة أطفارة من جهة اخرى. لا نريد احزاب او تيارات تدغدغ الغرب فقط في اوقات الرخاء بل نريد تيارا واحزاب اردنية لا يزاود عليها أحد تكن سندا للوطن وقيادته في اوقات الرخاء وأوقات المحن ايضا على حد سواء… وليكن بذلك فكره خالصا لنا يجمعنا لا يفرقنا يخدم الجميع ويحاكي هموم الجميع .. اردنيا خالصا يشبهنا لا مستوردا مزخرشا .. لا طعم ولا لون ولا رائحة.. . لا يمت لنا بصلة.
حمى الله الاردن وشعبه وقيادته منا اولا ومن ممن حولنا ورعاه بعينه التي لا تنام.
المصدر : خبرني